Category Archives: آلان دينو

عن حياتنا، التي سلّمناها للتفاهة و التافهين: ترجمةٌ لمقطعٍ مختارٍ من كتاب “نظام التفاهة” للفيلسوف الكندي آلان دونو

قياسي

DarSoual-Cover-Mediocracy-Final

 

نظام التفاهــة La médiocratie

بقلم:

د. آلان دونو Alan Denneault

ترجمة:

د. مشاعل الهاجرى

22 سبتمبر 2019

 — –

ما يلي هو ترجمتي لمقدّمة كتاب “التفاهة” (La médiocratie) للفيلسوف ألان دونو (Alain Deneault) أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة كيبيك الكندية، الذي صدر عام 2017، باللغة الفرنسية. (قمت بترجمة الكتاب كاملاً، و سوف يصدر قريباً عن دار سؤال للنشر، بيروت).

تكمن أطروحة هذا الكتاب المختلف في لفت الأنظار إلى ما صار يحيط بنا من تسيّد للتفاهة و التافهين.

لقد أدى انخفاض المعايير و تغييب منظومات المبادئ الرفيعة و و المفاهيم العليا إلى تسهيل صعود البسطاء فكرياً و الخليّين أخلاقياً، و وصولهم الى مفاصل القرار في الحكومات و الإدارة و التجارة و الأكاديميا و تمكّنهم منها جميعاً، في سابقةٍ تاريخيةٍ لم تشهدها أية مرحلةٍ حضاريةٍ أخرى.

هنا كاتبٌ يتدفّق في أفكاره.لذلك، فإن صياغة الكتاب مرّكبة، كما أن ترجمته إلى العربيّة لم تكن عملاً سهلا.

هذا كتابٌ ينبغي أن يُقرأ فعلا، و ببطء.

 

*************************

 –

ضع كتبك المعقّدة جانباً، فكتب المُحاسبة صارت الآن أكثر فائدة. لا تكن فخوراً، و لا روحانياً، و لا حتى مرتاحاً، لأن ذلك يمكن أن يُظهرك بمظهر المغرور. خفّف من شَغفِك، لأنه مُخيف. و قبل كل شيء، لا تُقدّم لنا “فكرة جيّدة” من فضلك، فآلة إتلاف الورق ملئى بها سلفاً. هذه النّظرة الثّاقبة فى عينيك مُقلقِةٌ: وسّع من حَدَقة عينيك، و أرْخِ من شِفاهِك. ينبغي أن تكون للمرء أفكارٌ رخوةٌ، و ينبغي أن يُظهر ذلك. عندما تَتَحدّث عن نفسك، قلّل من إحساسِكَ بذاتك إلى شيءٍ لا معنىً له: يجب أن نكون قادرين على تصنيفك. لقد تغيّر الزمان؛ فلم يعُد هناك اقتحامٌ للباستيل Bastille،[1] و لا شيء يُقارن بحريق الرايخستاغ l’incendie de Reicshtag،[2] كما أن البارِجة الروسيّة “أورورا” l’Aurore لم تُطلِق طلقةً واحدةً باتّجاه اليابان. [3] و مع ذلك، فقد تم شنّ الهجوم بنجاح: لقد تبوّأ التافِهون موقِع السّلطة.

ما هو جوهر كفاءة الشخص التافه؟ إنه القدرة على التعرّف على شخصٍ تافهٍ آخر. معاً، يدعم التافهون بعضهم البعض، فيرفع كلٍ منهم الآخر، لتقع السلطة بيد جماعةٍ تكبُر باستمرار، لأن الطيور على أشكالها تقع. ما يهم هنا لا يتعلق بتجنّب الغباء، و إنما بالحرص على إحاطته بصور السّلطة. “إذا كان المظهر الخارجيّ للغباء لا يشبه التقدّم، المهارة، الأمل، أو الرغبة الدائمة في التعديل، فإن أحداً لن يرغب في أن يكون غبياً”، كما لاحظ روبرت موسل Robert Musil.[4] كُن مرتاحاً في إخفاء أوجه قُصورك في سلوكِك المعتاد، ادّعِ دائماً أنك شخصٌ براغماتي، و كن مستعداً للتطوير من نفسك؛ فالتفاهة لا تعاني من نقصٍ لا بالقدرة و لا بالكفاءة.

ينبغى أن يكون المرء قادراً على تشغيل تطبيقات الحاسب الآلي، ملىء استمارةٍ ما من دون شكوى، ترديد عباراتِ مثل “المعايير العُليا لحوكمة الشركات” و “مقترحٌ قيّم” مع توجيه التحيّة فى الآن ذاته للأشخاص المناسبين. و لكن – و هذا أمرٌ مهم – لا ينبغي القيام بما هو أكثر من ذلك.

إن التفاهة بالفرنسية médiocrité هو الاسم الذى يشير إلى ما هو متوسّط، تماماً مثلما تشير كلمات supériorité و infériorité إلى ما هو أعلى و ما هو أدنى. ليس هنالك لفظٌ مثل moyenneté  (التوسّط) بالفرنسية. و لكن مصطلح “نظام التفاهة” la médiocratie يفيد المرحلة المتوسّطة خلال فعلٍ ينطوي على ما هو أكثر من التوسّط: إنه يعني هذه الدرجة الوُسطى بعد رفعها إلى مصافّ السلطة. بذلك، فإن “نظام التفاهة”la médiocratie هذا إنما يؤسّس لوسطٍ لا يعود فيه المُعتاد هو محض توليف مجرّد synthesis يسمح لنا بالوقوف على كنه الأمور، بل يصبح هو المعيار الذي نُضّطر للخضوع له. بذلك، فأن يظن المرء نفسه “حراً” libre ضمن نظامٍ مثل هذا هو أمرٌ لا يعني، في حقيقته، إلا فعاليّة هذا النظام.

إن تقسيم العمل و تصنيعه – اليدويّ منه و الفكري – ساهم إلى حد كبير في ظهور السلطة التافهة mediocre power. إن إجادة كل مهمّة لجعلها نافعةٌ لمنتجٍ نهائيٍّ لا يعرف أحدٌ ما هو هي مسألة قد ساهمت في ظهور “خبراء” فارغون يهرفون بخُطبٍ جيّدة التوقيت و تتضمّن شذراتٍ من الحقيقة، فيما يتم اختزال العمال إلى أدوات “لا يعدو فيها العمل الدائم مدى الحياة … أن يكون محض وسيلةٍ لضمان وجودهم ذاته”.[5]

هكذا كانت ملاحظة ماركس عام 1849، كما لاحظ أيضاً أن رأس المال، من خلال اختزاله للعمل labour إلى مجرد قوّة عمل labour power أولاً، ثم إلى وحدةٍ مجرّدةٍ للقياس، و أخيراً إلى تكلفته (بحيث يكون الأجر مساوياً إلى ما يحتاجه العمّال لإنتاج قوّة عملهم)، قد جعل من العمال غير مُبالين بالعمل ذاته. لقد فُقِدَت الحِرفة. يمكن للناس الآن انتاج الوجبات على خطوط الانتاج assembly lines من دون أن تكون لهم معرفةٌ بالطبخ في البيت؛ إعطاء تعليمات على الهاتف للعملاء رغم أنهم هم أنفسهم لا يفهمونها؛ بيع كتبٍ أو صُحفٍ هم أصلاً لا يقرأونها. أن الفخر بالعمل المُنتَج جيداً صار أمرٌ في طور الإضمحلال، كما أوضح ماركس في كتابه “مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي” Contribution to the Critique of Political Economy (1857):

“إن اللّامبالاة تجاه عملٍ معيّنٍ هو أمرٌ يناسِب المجتمع الذي ينتقل فيه الأفراد بسهولة من نوع معيّن من العمل إلى نوع آخر، و الذي يكون فيه هذا العمل عَرَضياً للأفراد و من ثمّ غير ذي أهميّةٍ لهم. و هكذا، ففي نظام مثل هذا فإن الوسائل التي يراد من خلالها الوصول إلى هذه الأهداف صارت موحدة. بذلك، يبدو العمل – ليس من حيث فئاته و لكن من حيث واقعه ذاته – مجرد وسيلة لانتاج الثّروة بشكلٍ عام”.[6]

إن العمل المنزوع الحيويّة، الذي يراه العمال باعتباره “محض آليةٍ لتأمين وجودهم نفسه”، هو الوسيلة التي يضمن فيها رأس المال نموّه. يتفق كل من أرباب الأعمال و العمّال على شيء واحد على الأقل: لقد تحوّلت كل حرفةٍ craft إلى وظيفة job، و صارت كلّ وظيفةٍ تُرى باعتبارها “وسيلة” means.

إن اللغات المُشتقّة من اللّاتينية تميل إلى استخدام كلماتٍ متشابهةٍ عادةً بشأن الشيء الذي يُستخدم للوصول إلى هدفٍ ما: فالكلمة بالفرنسية هي moyen أو moyenne، و بالإيطالية media أو mezzo، و بالإسبانيةmedio  أو promedio. و بالإنجليزية، فإن كلمة mean هى المنطقة الوسطى بين نقيضين كما أن الكلمة التي تصف طريقةً للوصول إلى هدفٍ هى ذاتها: means. إننا نقول أن العمل أصبح مجرد وسيلة means عندما يتم تعييره للوصول إلى الهدف. إن هذا ليس لعباً أو صدفةً لغويّة، فالعمل يكون مجرّد وسيلةٍ بسيطةٍ عندما نقوم بتعييره بشكلٍ يصبح معه كذلك. إن جعل أيّ فعلٍ يمتَثِل لوَسَطِه الأبسط – في حال ما إذا كان ذلك شيئاً عاماً و إجبارياً– هو أمرٌ يُحيل المجتمع ككلٍّ إلى التفاهة. بالفرنسية، فإن الكلمة التي تعني وسيلة moyen أو moyenne ترتبط – إيتومولوجياً –[7] بكلمة milieu، التي تفيد معنى “البيئة” و “الوسط” معاً، و يمكن أن تعني البيئة المهنيّة تحديداً كموضعٍ locus لتسوياتٍ (غير شريفةٍ أحياناً)، لا تنطوي على أيّ عملٍ حقيقيّ oeuvre.

و مع ذلك، فينبغي التنويه إلى إن التافهين لا يجلسون خاملين؛ انهم يؤمنون أنهم يعرفون كيف يعملون بجهد، فالأمر يتطلّب مجهوداً للخروج ببرنامجٍ تلفزيونيٍّ ضخم، أو لتعبئة طلب منحةٍ بحثيةٍ مموّلةٍ من وكالةٍ حكوميّة، أو لتصميم أكوابٍ صغيرةٍ و جذابةٍ للبن الرائب بشكل إيروديناميكى، أو لصياغة المُحتوي الخاص بمراسم اجتماعٍ وزاريٍّ مع وفودٍ نظيرةٍ ما. و لا يمتلك الجميع الوسائل للوصول إلى هذه الغايات، فالجودة التقنيّة لازمةٌ لإخفاء الكَسَل الفكريّ العميق الذي تنطوي عليه العديد من المِهن ذات العقيدة الامتثاليّة professions de foi conformists. في التزامهم بالمتطلِّبات الدقيقة لعملٍ لا يعود لهم في الحقيقة، و انغماسهم في فكرٍ يأتيهم من الأعلي، فإن ابتذال الأشخاص التافهين هو أمرٌ يغيب عن أنظارهم هم أنفسهم.

من حيث الطّريقة، فإن التطوّر لا يمكن وقفه. في الماضي، كان التافه يُصَوّر و كأنه عضو أقليّة. بالنسبة لجان دي لابرويير Jean de La Bruyère،[8] فإن التّافه – في كثيرٍ من الأحيان – يتمثّل في مخلوقٍ منحطّ، يستفيد من معرفته بالأخبار الداخليّة و الدسائس في أوساط ذوي السلطة حتى يستغلّ كل موقف:

“كان سيلسي Celse ينحدر من خلفيةٍ تافهة، و مع ذلك فإن أشخاصاً من ذوي المراتب الاجتماعية العُليا كانوا يتأثّرون به: لم يكن عالماً و لكنه كان ذي علاقةٍ بالعلماء، كان قليل الجَدارة و لكنه كان يعرف أشخاصاً ذوي جَدارةٍ كبيرة، لم يكن حاذقاً و لكنه كان ذي لسانٍ يجعله مفهوماً و قدمين تحمِلانه من مكانٍ إلى آخر”.

أما و قد أصبحوا جماعةً مسيطرة الآن، فإن “سيلسوسيو” العالم هؤلاء ما عاد أمامهم أحداً يحاكونه سوى أنفسهم. لقد صاروا يقبضون على السلطة تدريجياً، من دون علمٍ منهم، تقريباً، بهذا الذي يفعلونه. إن كلٍ من المزايا غير المُستَحقّة، التواطؤ و التآمر هي أشياء قد جعلتهم يتربّعون على قمة المؤسسّات.

لقد كانت هذه ظاهرة مُستنكرة في كل جيل. مُقتسباً ما وَرَدَ في دفاتر صديقه الشاعر لويس بوييه Louis Bouilhet،[9] أورد الروائي جوستاف فلوبير Gustave Flaubert:[10]

“آهٍ أيتها التفاهة المُنتِنة، الشِّعر النّفعي، أدب البَيادق، الثّرثرة الجماليّة، القيء الاقتصادي، المُنتَج المُقزِّز لأُمّةٍ مُستَهلِكَة، إنني أكرهك بجميع قواي الروحيّة! إنك لست بالغرغرينا، بل ضمورٌ عضوي! إنك لست بالالتهاب السّاخن الأحمر للأزمنة المَحمومَة، بل أنت الخُرّاج البارد ذي الأطراف الباهِتة، الذي يَقْطِرُ كما النّبع الذي يَجِدُ مصدره في تجويف تسوّسٍ عميق!”[11]

و مع ذلك، فقد كان ذلك لا يعدو أن يكون رفضاً للإدّعاء و للخيلاء آنذاك: إن ما كان يُنزع عنه القناع هنا هو الرّغبة العاجِزة بالتّظاهر بالعَظَمَة وقتها، إذ لم تكن نظاماً يُرضيه الصِغَر بل و يتطلّبه أيضاً، كما هو الحال الآن.

كان لورنس ج. بيتر Laurence J. Peter و ريموند هال Raymond Hull من أوائل الذين لاحظوا التطوّر التدريجيّ للتفاهة، إلى أن أصبحت نظاماً متكاملا. كان جوهر أطروحتهما يتمثل في “مبدأ بيتر” the Peter Principle، الذي طوّراه بعد الحرب العالمية الثانية، و الجليّ في وضوحه:[12] يتمثل هذا المبدأ فى أن العملياّت النظاميّة تساعد الموظفين من فئة ذوي الكَفاءة الاعتياديّة على الترقيّ حتى يصلون إلى شَغلِ مواقع السلطة، مزيحين بذلك كل من المُنتمين لفئة ذوي الكفاءة العالية و فئة غير الأكفاء، معاً. لدينا مثلٌ واضحٌ لذلك فى المؤسسات التدريسيّة، فالمدارس سوف تفصل المدرسين الذين يضربون صَفحاً عن الجداول و لا يعرفون شيئاً البتّة عن موضوع المقرر الدراسي،  و لكنها، و على المنوال ذاته، سوف تقوم أيضاً بفصل المدّرس المتمرّد الذي يُغيّر من بروتوكولات التّدريس بعمقٍ بحيث يوصِل التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التّعلم إلى مستوىً يُعادل ذاك الخاص بأفضل التلاميذ فى المدرسة. و بنفس الطريقة، فإن المدارس سوف تقوم كذلك بفصل المدّرس الذي يساعد طلبته على إنجاز عمل سنتين أو ثلاثة خلال سنةٍ واحدةٍ فقط.

في هذه الحالة الأخيرة، فإن المدرّس – وفقاً لبيتر Peter و هال Hull – كان مُلاماً لأنه أربَك نظام الدّرجات التقليدي، لاسيّما و أنه بعمله هذا يتسبّب في “اضطرابٍ كبيرٍ للمدرّس الذي سوف يقوم في السنة التّالية بالتعامل مع الأطفال الذين قاموا بتغطية المقرّر سلفاً”.[13] و هكذا، فهذه هي العملية التي يتم من خلالها خلق ما يسمى بـ “الأميّ ثانوياً” the secondary illiterate،[14] و هو التّعبير الذي خرج به هانز ماجنوس إيزينسبرجر Hans Magnus Ezensberger و الذي يُشير إلى طبيعة مُخرجات مؤسّسات التعليم، التي صارت تنتجها بالجملة. إن هذا الإنسان الجديد – “الأمي ثانوياً” – هو شخصٌ مكونٌ من معارف عمليّة، من دون أن تقوده هذه المعارف إلى مساءلة ما تستند عليه من ركائزٍ آيديولوجية.

يصِف إينزينسبرجر Ezensberger “الأميّ ثانوياً” كما يلي: “إنه يعتبر نفسه عالماً بالأمور، يستطيع أن يتعامل مع التعليمات و الرسومات التخطيطيّة و الشبكات. أما الوسط الذي يتحرّك بداخله، فهو يحميه – مثل سورٍ عازل – من كلّ ما قد يخترق وعيه”.[15] الباحثون التافِهون لا يفكّرون لأنفسهم: لأغراض الترقية المهنيّة، هم يفوِّضون قِواهم الفكريّة إلى سلطاتٍ أعلى تُملي عليهم استراتيجيّاتِهم. و مع ذلك، فالرّقابة الذاتيّة هى أمرٌ لازمٌ و ينبغي أن تقدّم و كأنها دليلٌ على المكر.

منذ صدور كتاب “مبدأ بيتر” The Peter Principle فإن الميل إلى إقصاء غير التافهين صار يتأكّد بانتظام، و لكن الأمر قد وصل بنا اليوم إلى مرحلةٍ تتعدّى ذلك؛ لقد صارت التفاهة مطلوبةٌ بالفعل. لقد بلغ من الأمر أن علماء النّفس – الذين أصبحوا يشعرون أنهم في مكانِهم الطّبيعي عندما يكونون في كليّات التجارة – صاروا يقلِبون علاقات القيمة value relationships رأساً على عقب، فيُعرّفون أشكالاً معيّنةّ من الكفاءة باعتبارها فائضاً من “السّيطرة على النفس” excess of self-control. في هذا الصدد، فإن كريستي زو كوفال Christy Zhou Koval – التي تتولى التدريس في كلية Fuqua School of Business في جامعة Duke university، و الكاتبة الرئيسيّة لمقال بعنوان “ثقل المسئولية: التكلفة عبر-الشخصية للثقة العالية بالنفس” The Burden of Responsibility: Interpersonal Costs of High Self-Control[16] – تناقش أوضاع العمّال الذين يتحمّلون مَطالِب العمل العالية فيأخذونها على عواتقهم و تُقدّمهم باعتبارهم مسئولين بشكلٍ ما عن الاستغلال الذي يتعرّضون له. إن الأمر مُناطٌ بهم لتعلّم كيف يحِدّون من نشاطاتهم فيضعونها في إطارٍ ضيق. إن نزوع هؤلاء إلى العمل المُتقن و شعورهم الرفيع بالمسئوليّة هو أمرٌ يُنظر إليه باعتباره مشكلة، من حيث إن هذا يؤثر على تحقيقهم لما يسمى “بالأهداف الشخصية” خاصتهم، أي أهدافهم المهنيّة كما تعرّفها المؤسّسات التي ينتمون لها.

من هنا، فإن “نظام التفاهة” Mediocracy هو المصطلح الذي يشير إلى النظام التافه، الذى يتم نَصْبَه كنموذج. كان عالم المنطق أليكساندر زينوفييف Alexander Zinoviev[17] يصِف السِمات العامّة للنظام السوفيتي بألفاظٍ يظهر معها التّشابه مع نُظمنا الديموقراطيّة الليبراليّة. “إن التافه هو من ينجو” و “للتفاهة فرصةٌ أفضل بالنجاح”، كما كانت شخصية الدهّان Dauber تقول في تأمّلاتها الواردة في رواية “المرتفعات المتثائبة” The Yawning Heights، و هي الرواية الساخرة التى نشرها زينوفييف Zinoviev عام 1976 تحدياً للسّلطات السوفيتيّة. كانت النظريّات التي خرجت بها الروايّة من خلال شخصيتيّ واهِنُ الأَعْصاب و الوصوليّ تتضمن الآتي:

“أنا اتحدّث عن التفاهة، كأمرٍ معتادٍ و عام، و ليس عن النّجاح فى مجال عملٍ معين، و إنما عن النّجاح الاجتماعى. هذان أمران مختلفان تماماً […] فالمؤسّسة التى تبدأ بالعمل بطريقةٍ أفضل مما عداها سوف تَستقطِب الاهتمام لنفسها بالضّرورة. فإذا تم الاعتراف رسمياً بلعِبها لمثل هذا الدور، فإنها سُرعان ما تتحوّل إلى شيءٍ مزيفٍ أو إلى نموذجٍ اختباريٍّ تجريبيّ. و بعدها تبدأ فى التراجع، حتى تنحدر إلى محض خدعةٍ بصريةٍ تجريبية تافهة”.[18]

ما يتبع ذلك إذن هو مجرد تقليدٌ للعمل، لا يُنتج إلا نتائج موهومة، و يصبح الاختلاق قيمةً في حد ذاته. و هكذا، فإن نظام التفاهة يقودنا إلى تسليم مَلَكَة الحكم السليم إلى نماذجٍ اعتباطية arbitrary models مُسوّق لها من قِبَل السلطة. و اليوم، تضمّ هذه الأعراض سياسياً يوضح لناخبيه وجوب التسليم لإرادة حملة الأسهم في وول ستريت Wall Street Shareholders؛ أستاذاً جامعياً يُقيّم الورقة العلمية التي يقدّمها له طالبٌ لديه – عندما تكون قد تَجاوَزَت فذلكات العروض التوضيحيّة لبرنامج Power Point – باعتبارها “مُبالِغَةٌ في التّنظير أو في جانبها العلمي”، مُنتِجٌ سينمائيٌ يُصمّم على إيكال دورٍ أساسيٍّ في فيلمٍ تسجيليًّ لشخصٍ لا علاقة له بهذا الفيلم؛ أو عندما يثبت خبير ما “عقلانيّته” من خلال الإطناب بشأن نموٍّ اقتصاديٍّ ذي طبيعةٍ غير عقلانيّة.أن أ لقد كان زينوفييف Zinoviev واعياً سلفاً بقدرة العمل المُبهرَج على أن يكون ذي قوّةٍ نفسيّةٍ ذات قدرةٍ على تشكيل العقول:

“إن التّظاهر بالعمل لا يتطلّب سوى نتيجةً ظاهريةً – أو بالأحرى محض إمكانيةٍ لتبرير الوقت المُنقضى: فالتّحقق من النتائِج و تقييمها إنما يتمّ من قِبَل أشخاصٍ متورّطين فى هذا التّظاهر، مرتبطين به، و ذوي مصلحةٍ فى استمراره”.[19]

إن من يشتركون في هذه السلطة يُظهرون ذات الابتسامة المتواطِئة. معتقدون أنهم أذكى من الجميع، هم يستمتعون بترديد عباراتٍ حكيمةٍ مثل “عليك أن تلعب اللعبة”. اللعبة – و هو تعبيرٌ ذو غموضٍ ملائمٍ تماماً للفكر التافه – يتطلّب منك في عدة أوقات هى تَمْتَثِل بتزلّفٍ مع القواعد التي ما أُرْسِيَت إلا لهدفٍ وحيدٍ هو شَغل موقعٍ هامٍ على رقعة الشّطرنج الاجتماعي، أو للتملّص من هذه القواعد بتعجرُف، مع الحِفاظ على المظاهر، من خلال أفعالٍ تآمريّةٍ تنحرف بنزاهة العمليّة.

إن تعبيراً ساذجاً مثل “لَعِب اللّعبة” هو مجرّد دهانٍ ملطّفٍ لضمير اللّاعبين المدلّسين. بعد هذا الأمر المُلزِم و الباسِم، فإن شركات الأدوية تضمَن أن سرطان البروستاتا لن يُعالج إلا بكلفةٍ كبيرة، رغم أن المرضى لا يُتوَقّع أن يواجهوا مشكلاتٍ جادةٍ إلا في سن 130 عاماً؛ و الأطباء يعطون أدويةً عديمة الجدوى لمرضىً لا يحتاجونها، مع معرفتهم أنهم سوف يكافؤون عقدياً مع كل إجراء طبي يتخذونه بهذا الصدد؛ و بذات الموقف المخادع، فإن مأموري الضرائب – المؤهّلين جيداً لضبط الأطراف المُتّهمة بالمخالفات الاقتصاديّة الكبرى – يفضلون مطاردة نادلات المطاعم اللاتي أغفلن التّصريح عما ما حصلن عليه من عطايا صغيرةٍ جراء خدمة الزبائن؛ و كذلك يحفظ ضبّاط الشرطة التحقيقات بمجرد أن يدركوا إنهم إنما يتبعون أُناساً ينتمون إلى الدّائرة الضيّقة لرئيس الوزراء؛ و الصّحافيون يعيدون إنتاج ذات اللّغة المُغرضة للتّصريحات الصّحفية الصّادرة عن ذوي السلطة، و هم يعومون وسط – مُغمَضي الأعين – في تيارات الحركات التاريخيّة التي يُفضّلون أن لا يفكّروا فيها.

إن المؤهَّل الجديد لدرجة الأستاذ الجامعيّ يتم إخضاعه لطقوس عبورٍ initiation rites[20] ترهيبيّة، مُصممّةٌ لجعله يفهم أن ديناميكيّات السوق لها الأولويّة على المبادئ الأوليّة للمؤسسة، و هي المبادئ التي ينبغي التغاضي عنها. فـ “اللعبة” يمكن أن تشمل تحويل مراكز الرّعاية اليوميّة المُدارة بدعمٍ من الدّولة إلى أعمالٍ تجاريّةٍ غير مَعنيّةٍ بما يحدث للأطفال؛ تزوّد الموظفين بدورةٍ يتعلمون فيها كيف يخدعون بعضهم البعض كجزءٍ من علاقاتهم الشخصية؛ أو اللّعب على مشاعر الموظّف بعباراتٍ مثل “هويّتك هى إحدى الأصول التي تعود لنا”. جمعياً، فإن “لَعِب اللّعبة” يعني التظاهر بعدم الاكثرات بما إذا كنا نلعب الروليت الروسية Russian Roulette،[21] مراهنين بكل ما نملُك، أو مراهِنين بحياتِنا. إننا نلعب فحسب، فالأمر مسلٍ، خفيف الظّل، و ليس بالحقيقي؛ إنه مجرد إدّعاءٍ كبير، و لهذا السبب فنحن نصطخب بضحكٍ مُنحرف. إن اللّعبة التي يُفترض بنا لعِبُها دائماً تُقدّم – مع غَمْزة – كحيلةٍ قد ننتَقِدُها إلى حدٍ ما، و لكننا نقبل سلطتها رغم ذلك. و في الآن ذاته، فإننا حريصون على عدم إظهار قواعد اللّعبة بجُملَتها، لأن هذه القواعد متشابكةٌ مع استراتيجيّاتٍ هى غالباً شخصيّةٌ و اعتباطيّة، إن لم تكن تعسّفيةٌ أيضا. في عقول من يظنون أنفسهم أذكياء، فإن الخَتَل و الخِداع يتمّ إعدادهما كلُعبةٍ مُضْمَرَةٍ على حساب من يرونهم مغفّلين. أن تلعب اللّعبة، رغم أنك قد تتظاهّر بخلاف ذلك، يعني الاستسلام لقانون الجَشَع دون عداه. هذه الطّريقة بالتفكير تعكِس علاقتنا بالانتهازية من خلال تعريفها كشيءٍ غريبٍ عن الذات، ولكنه مطلوبٌ من قِبَل المجتمع.

بطبيعة الحال، فإن “الخبير”، الذي يتعرّف غالبيّة أكاديميي الجامعات اليوم على أنفسهم فيه، يُمثل النموذج المركزيّ للتفاهة. إن تفكيره لم يكن بالأمر الخاص به قط، و إنما هو نظامٌ منطقيّ تُمليه مصالحٌ خاصة، رغم أنه يتجسّد فيه. فوظيفة الخبير هي تحويل الاعتبارات الآيديولوجيّة و الأفكار الصوفيّة إلى عناصر معرفيّة ذات مظهرٍ نقي. لهذا السبب، لا يمكننا أن نتوقع منه أن يقدّم لنا مُقترحاً قوياً أو أصيلاً، و هذا ما يأخذه عليه أدوارد سعيد Edward W. Said[22] فى محاضرته التي ألقاها ضمن محاضرات ريث Reith Lectures السنوية التى أنتجتها قناة الـ BBC عام 1993.[23] فالخبير – هذا السوفسطائيّ المُعاصِر الذى يُدفع له لكى يفكّر بطريقةٍ معينة – لا يُسْتَحثّ بفضوليّة الهواة: أنه ليس مهتماً بما يتحدّث عنه، بل يتصرّف ضمن إطارٍ ميكانيكيّ بحت. وفقاً لسعيد Said “بصفةٍ خاصة، فإن الخطر الذي يتهدّد مثقف اليوم – فى الغرب كما فى بقيّة أنحاء العالم – لا يكمُن في الجامعة، و لا في الأحياء المُحيطة بالمدينة، و لا في التّسليع الشّنيع للصّحافة و دور النّشر، و إنما يكمن في موقفٌ عامٌ شاملٌ سوف أسميه المهنيّة professionalism”.[24]

لقد صارت المهنيّة تُقدّم نفسها و كأنها اتفاقٌ ضمنيٌّ بين مُنتجي المعرفة و الخِطاب العام من جهة و بين مُلّاك رأس المال من جهةٍ أخرى. فى ظلّ هذا العقد، فإن الفئة الأولى – من دون أيّ التزامٍ روحيّ – تقوم بالتنسيق للفئة الثانية و بتزويدها بالمعلومات العلميّة و النظريّة التي تتطلّبها لإضفاء الشرعيّة عليها. بذلك، فإن إدوارد سعيد Edward W. Said يتعرّف، بداخل الخبير، على سِمات التفاهة: إن الخبير يتصرّف دائماً وفق “ما يُعتبر سلوكاً مناسبا، مهنياً؛ فلا تُربك الأمور، و لا  تشرد بعيداً عن النماذج و الحدود المقرّرة، مع جعل نفسك قابلاً للتسويق و قبل كل شيءٍ صالحاً للظهور، و من ثمّ غير مثيرٍ للجدل، و غير سياسيّ، و موضوعي“.[25] لمن كانوا في مواقع السّلطة، فإن الإنسان التافه هو الشّخص المُعتاد الذي يستطيعون نقل تعليماتهم من خلاله، بما يسمح بترسيخ نظامهم.

ضمن هذا السياق الاجتماعي، فإن الفكر العام يُطوّر، لا محالة، درجةً من الامتثال تركِّز – و يا للدهشة – على اللّحظة المتوسِّطة، المركزيّة، التي تُطرح باعتبارها برنامجاً سياسياً. إن الوسط the centre هو موضوعٌ للتمثيل الانتخابيّ الذي ينتمي الى حزبٍ واسعٍ و مُستعرِضٍ transversal،[26] ذي عناصر تأسيسيّةٍ كانت ستكون غير قابلةٍ للتمييز لولا التمائِم fetishes التي وصفها فرويد Freud بأنها “فروقاتٍ صغيرة” small differences. إن ما يبدو من شِقاقٍ بداخل الحزب المُستعرِض هو مسألة رموز، لا ركائز. و من المهم ملاحظة كيف أنه – فى أهم مؤسّسات السلطة – كالبرلمانات و المحاكم و المؤسّسات الماليّة و الوزارات الحكوميّة و غرف الصّحافة أو المختبرات – سادت تعابيرٌ مثل “التدابير المُتوازِنة” balanced measures، “الوسط السّعيد” juste milieu، “التسوية” compromise حتى أصبحت كالتمائم. لقد وصلنا إلى نقطةٍ ما عُدنا معها نستطيع مجرّد تخيّل مواقعٍ تحيد عن الوسط، و هي المواقع التي (إن وُجِدَت) كانت ستمكّننا من المشاركة في العمليّة الرفيّعة القاصدة لإيجاد التوازن.

اجتماعياً، فإن الفِكر لا يمكن أن يوجد إلا في المرحلة التي تأتي قبل التوازن. و فيما يتكوّن هذا الفكر، فإنه يبدأ في موضعة نفسه ضمن حدود المُعتاد، لأن العقل، بنيوياً، يُحيّد بواسطة جملةٍ من الكلمات الوسطيّة، من ضمنها، صارت كلمة “الحوكمة” governance – رغم أنها أقلّ هذه الكلمات أهمية – شعاراً. إن حقيقة هذا النظام الوسطيّ المُتطرّف قاسيةٌ و مميتةٌ معا، إلا أن أن تطرّفه هذا يُخفى نفسه تحت صورة “الطريق الوسط”، فيحملنا على أن ننسى أن التطرّف لا يقوم على حدود الطيف السياسيّ لليسار و اليمين إلا حيثما يوجد التعصّب ضد كل ما هو غير مشابهٍ للذات. بذلك، فوَحْدَهُ التقليدي، الرمادي، الاعتيادي، المُعاد انتاجه و التصريحات الفارغة التي تتناول ما هو بديهيّ هو ما يُسمَح به.

تحت رعاية التفاهة، يشنق الشّعراء أنفسهم في زوايا شققهم الفوضويّة، يقدِّم العلماء ذوي الشَغَف إجاباتٍ عن أسئلةٍ لم يسألها أحد، يبني الصناعيّون اللّامعون معابد خياليّة، فيما يناجي العِظام من راسمي السّياسات الكبرى أنفسهم فى أقبية الكنائس. هذا هو النظام السياسيّ للوسط المتطرّف extreme centre. إن سياساته لا تجسّد موقعاً محدّداً على مِحور اليسار-اليمين بقدر ما تعبّر عن قمعٍ لهذا المحور، الذي يتم استبداله بمقاربةٍ وحيدةٍ تدّعي فضائل الحقيقة و الاضطرار المنطقي. تُكسى هذه المناورة بكلماتٍ فارغة، بل أسوأ من ذلك، فإن السلطة تُعرَّف بالكلمات التي تشعر نحوها بالقدر الأكثر من الرعب: الابتكار، التعاون، الجَدارة، و الالتزام. يتبع ذلك أن كل من لا يُشارك فى هذا الفِكر المدلِّس سوف يُواجه بالنّبذ و الإقصاء، و هو أمرٌ سوف يتم، بطبيعة الحال، بطريقةٍ مبتذلةٍ تقوم على الإلغاء، الإنكار، و الرفض. إن العنفٌ الرمزيٌّ من هذا القبيل هو أمرٌ مُثبت.

و بعد، تشجّعنا التفاهة، بكل طريقةٍ ممكنة، على الإغفاء بدلاً من التفكير، النّظر إلى ما هو غير مقبولٌ و كأنه حتميّ، و إلى ما هو مُقيتٌ و كأنه ضروري؛ إنها تُحيلنا إلى أغبياء. إن حقيقة أننا نفكّر بهذا العالم باعتباره مجموعةً من المُتغيّرات المتوسّطة average variables هو أمرٌ مفهوم، و أن بعض الناس يشابهون هذه المتوسِّطات إلى درجةٍ كبيرةٍ هو أمرٌ طبيعي. و مع ذلك، فإن البعض منا لن يقبل أبداً بالأمر الصامت الذي يطلب من الجميع أن يصبحوا مماثِلين لهذه الشخصيّة المتوسِّطة.

لقد فَقَد تعبير “نظام التفاهة” mediocracy المعنى الذي كان له في الماضي، عندما كان يصِفُ قوّة الطبقة الوسطى، إذ صار الآن يعني سيطرة الأشخاص التافهين، باعتبارها حالة سيطرة خلقتها الأشكال التافهة ذاتها، حالة سيطرة تُرسخ هذه الأشكال باعتبارها عملةً للمعنى و أحياناً مفتاحاً للنجاة، إلى درجة إن من يأملون بالأفضل و يدّعون التفوق صاروا يمتثِلون للكلمات الفارغة التي يخلقها “نظام التفاهة” هذا.

  • الهوامش:

[1] اقتحام سجن الباستيل Bastille هي الحادثة الشهيرة التي وقعت في باريس في يوليو من عام 1789، و التي كانت بمثابة الشرارة لإندلاع الثورة الفرنسية. – ]المُترجِمة[.

[2] إشارة إلى صعود هتلر إلى سدّة الحكم في ألمانيا النازيّة. – ]المُترجِمة[.

[3] كانت البارِجة “أورورا” l’Aurore إحدى قطع الأسطول البحري العسكري الروسي، و قد شاركت في الحرب الروسية-اليابانية التي وقعت في الفترة من 1904 إلى 1905. – ]المُترجِمة[.

[4] Robert Musil, The Man without Qualities, tr. Sophie Wilkins (New York: Vintage International, 1996), p. 57.

[5] Carl Marx, Wage Labour and Capital, http://www.marxists.org.

[6]  Karl Mars, A Contribution to the Critique of Political Economy, Appendix 1.3: “The Methods of Political Economy, tr. S. W. Ryazanska (Moscow: Progress Publishers), http://www.marxists.org.

[7] الإتيمولوجيا (Etymology) هوعلم بسط أو تعليل أصول الألفاظ. – ]المُترجِمة[.

[8] Jean de La Bruyère, The Characters, p. 39, tr. Henri Van Laun, Project Gutenberg ebook, www.gutenberg.org.

و جان دي لا برويير Jean de La Bruyère (1645 – 1696) هو أديبٌ و كاتبٌ فرنسيّ، و كتابه الكاريكاتوري الساخر هذا هو كتابٌ شهير سجّل فيه انطباعاته الشخصية حول طبائع الناس، و ملاحظاته المجتمعية العامة حول ظهور طبقات اجتماعية جديدة و ما ارتبط بها من طُرُزٍ متغيّرةٍ في نمط الحياة و الطبائع و الفكر والملابس. – ]المُترجِمة[. للمزيد، انظر: عبد الرزاق الأصفر، المذاهب الأدبية لدى الغرب (دمشق: اتحاد الكتّاب العرب، 1999)، ص. 53. و انظر أيضاً:

Raymond Couallier, ‘Naissance et origines de La Bruyère’, Revue d’Histoire littéraire de la France, Juillet-Septembre 1963.

[9] لويس بوييه Louis Bouilhet (1821-1869) هو شاعرٌ و كاتبٌ مسرحيٌ فرنسي، كا صديقاً للروائي الفرنسي جوستاف فلوبير Gustave Flaubert. – ]المُترجِمة[.

[10] جوستاف فلوبير Gustave Flaubert (1821-1880)، روائي فرنسي، وضع روايات شهيرة، منها “سالامبو” Salammbô  و “التربية العاطفية”  L’Éducation sentimentale و “مدام بوفاري” Madame Bovary التي تعتبر من عيون الأدب الفرنسي. – ]المُترجِمة[.

[11]  Gustave Flaubert, ‘Préface aux Dernières chansons De Louis Bouilhet’, http://flubert.univ-rouen.fr.

[12] Laurence J. Peter and Raymond Hull, The Peter Principle: Why Things Always Go Wrong (Cutchogue, New York: Buccaneer Books, 1969), p. 45.

[13]  Laurence J. Peter and Raymond Hull, The Peter Principle (Cutchogue, New York: Buccaneer Books, 1969), 45.

[14]  Hans Magnus Enzensberger, ‘In Praise of the Illiterate’, tr. Martin Chalmers, in Zig Zag: The Politics of Culture and Vice Versa (New York: The Free Press, 1997), p. 281.

[15]  Enzensberger, “In Praise of the Illiterate”, p. 280.

[16]  C.  Z. Koval, M.R. Vandellen, G.M. Fitzsimons, and K.W. Ranby, ‘The Burden of Responsibility: Interpersonal Costs of High Self-Control’, Journal of Personality and Social Psychology, 108, 5 (May 2015), pp. 750-66.

[17] أليكساندر زينوفييف Alexander Zinoviev (1922-2006)، فيلسوف روسي و كاتب و عالم اجتماع، كما كان يتعاطى الصحافة. – ]المُترجِمة[.

[18] Alexander Zinoviev, The Yawning Heights, tr. Gordon Clough (London, Sydney and Toronto: The Bodley Head, 1979), p. 279.

[19] Alexander Zinoviev, The Yawning Heights, p. 281.

[20] طقوس العبور (و تسمى أيضاً طقوس الإبتداء أو طقوس العضويّة) initiation rites هي مجموعةٌ من الأعمال، الممارسات أو الإجراءات التي قد تفرضها جماعةٌ ما على من يرغب في عضويتها، أو اللازمة لاعتبار شخصٍ ما قد انتقل من مرحلة إلى أخرى. من ذلك، ما تفرضه بعض الجماعات القبليّة على الشباب فيها لإعلان انتقالهم من طور الطفولة إلى طور الرجولة، أو ما تتطلبه بعض المنظمات السرية من طالبي عضويتها (كالجمعيات الماسونية masonic societies، الأخويّات الجامعيّة fraternities). – ]المُترجِمة[.

[21]   الروليت الروسية Russian Roulette هي لعبةٌ من ألعاب المقامرة الخَطِرة، القائمة على الشجاعة المتهوّرة. فيها، يتم وضع رصاصةٍ واحدةٍ في مسدّس، مع تدوير الإسطوانة بحيث لا يُعرف ما إذا كانت ستُطلَق أم لا، و يتم اللّعب بين شخصين يتناوبان الإطلاق فيأخذ كل منهما المسدّس على التوالي و يصوّبه نحو رأسه و يقدح الزِناد، مع احتمال انطلاق الرصاصة – و من ثمّ موته – في كل مرة. تنتهي اللعبة بوفاة أحد اللاعبين و أخذ اللاعب الآخر للأموال موضوع المقامرة. – ]المُترجِمة[.

[22] كان إدوارد سعيد Edward W. Said (1935-2003) مثقفاً بارزاً و أستاذاً جامعياً للغة الإنجليزية و الأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك، و له العديد من الكتب حول الأوضاع العربية و سياقها الكولونيالي، من أهمها “الإستشراق” Orientalism. كما كان مدافعاً قوياً عن القضيّة الفلسطينيّة في الوسطين الأكاديمي و السياسي. – ]المُترجِمة[.

[23] محاضرات ريث Reith Lectures هي مجموعةٌ من المحاضرات السنويّة التي تقدمها شخصيّات شهيرة، التي تُبثُّ عن طريق الإذاعة و المدارةٌ من هيئة البثّ البريطانية BBC. بدأ بثّ هذه المحاضرات منذ عام 1948، و هي تحمل اسم اللورد ريث Lord Reith الذي كان أول مديرٍ لهيئة بثّ BBC. على مرّ السنين، شارك في هذه المحاضرات العديد من ألمع الشخصيات و أبرز المفكرين. – ]المُترجِمة[.

[24] Edward W. Said, Representations of the Intellectual: The 1993 Reith Lectures (New York: Vintage books, 1996, pp. 73-74.

[25] Edward W. Said, Representations of the Intellectual, p. 74.

[26] المراد هنا انه مُشترك بين جميع القطاعات. – ]المُترجِمة[.