بيــــن الإبحــار والغــــرق: مقاربــة لمــا بعــد الحداثــة فــي الفكــر القانونــي العــربــي / د. مشاعل عبد العزيز الهاجري – الكويت 2023

قياسي

بيــــن الإبحــار والغــــرق:

مقاربــة لمــا بعــد الحداثــة فــي الفكــر القانونــي العــربــي

د. مشاعــل عبــد العزيــز الهاجــري

‏الكويت، 2023

هَل صَحَّ قَولٌ مِنَ الحاكي فَنَقبَلَهُ

أَم كُلُّ ذاكَ أَباطيلٌ وَأَسمارُ

أَمّا العُقولُ فَآلَت أَنَّهُ كَذِبٌ

وَالعَقلُ غَرسٌ لَهُ بِالصِدقِ أَثمارُ

– أبو العلاء المعري.

لمصطلحي “الحداثة” (Modernism) و “ما بعد الحداثة (Postmodernism) طبيعة إشكالية. وإذا كان الأول أكثر انضباطا بسبب ارتباطه بالمسيرة التنويرية وتعبيره عنها، فإن الثاني يخالطه ارتباك كبير، من حيث ما ينطوي عليه من تشكك في مكونات العالم الواقعي، رفض السرديات الكبرى، نقد المركز لصالح الأطراف، حمد الغموض الخلاق، نبذ الشمول لصالح التعدد، ارتباط المعنى بالاستعمال اللغوي، وعداها. ويبدو الأمر أكثر تعقيداً في الثقافة العربية، بالنظر إلى ما مرت به هذه من اضطرابات تاريخية وآيديولوجية ومعرفية.

وفي حين تزخر العلوم الإنسانية بالتناولات ما بعد الحداثية، فإن الحقل القانوني يبدو قاحلا وفقير الإنتاج، لا سيما في منطقتنا من العالم، التي لا تبدو مصنعة لهذه الاتجاهات بقدر ما تبدو مستهلكة لها، سواء كما ظهرت في أوروبا القارية أو كما تطورت في العالم الأنجلوسكسوني. ولا يتعلق الأمر بظهور مذاهب فقهية قانونية ما بعد حداثية مباشرة، وإنما بانعطاف فكري ضمن الحقول المعرفية الإنسانية الأخرى، تم استيراد تقنياته واستزراعها في حقل القانون، إما لأغراض سياسية (وهو الشائع) أو من قبيل الترف الفكري التجريبي أحيانا (وهو الأقل ذيوعا، على أن فائدته الأكاديمية كبيرة).

فتعقيد أدبيات القانون -هذه الأرض المجهولة و غير المكتشفة للكثيرين (terra incognita)- يعزى إلى أمور عديدة (كاللغة والتشريعات و الأحكام القضائية)، هو أمر ينتهى إلى أطنان من المعلومات المتراكمة، تؤدي في أحيان كثيرة الى سوء فهم للقانون، ناهيك عن تركيبه المتداخل القائم على المعايير والأنساق. يضاف إلى كل هذا التعقيد ما يقدمه القانون للحياة العامة من أفكارٍ يصعب تمثلها عقليا (كالشخصية المعنوية والعدالة الانتقالية مثلا). وبذلك، فمعرفة الناس بالقانون عموما هي معرفة سطحية نوعاً ومشتتة تناولا.

فحتى القرن العشرين، سادت الوضعية القانونية الصرفة (Positivism) التي تتطلب الفكر النسقي الواضح، وكان لها أثر كبير على النظم القانونية الأوروبية. كان من نتيجة ذلك أن العدالة، رغم أنها صارت غير غائبة عن القانون، إلا أنها أصبحت “مستغرَقة” فيه (بل وقد تتراجع عنه خطوة الى الخلف أحيانا، إن تطلبت اعتبارات التنظيم أو الاستقرار ذلك). هكذا، فقد صار للعدالة، كما يقدمها القانون، معنى إجرائي/ ميكانيكي، وغير عادل بالضرورة (قواعد التقادم و عدم سماع الدعوى بمرور الزمان مثالا). ورغم ذلك، فبالمقارنة بالمرجعيات الأخرى من أدوات ضبط اجتماعي (كالأخلاق والدين والعرف والقانون الطبيعي بمعانيه المتعالية)، تظل المسطرة المنضبطة والموضوعية الوحيدة التي يمكن أن يحتكم إليها المجتمع في فوضى المنظور الشخصي للأمور، والذي يختلف من مرجعية لأخرى، هي مسطرة القانون وحده. بذا، أصبح القانون يصنف باعتباره حقلاً معرفياً معياريا، فهو يعنى ببيان المفروض، لا الكائن.

هذه الصفة المعيارية للقانون تجعله من أدوات الحكم التي تسمح بتوجيه المجتمع وتشكيل السلوك فيه، من خلال القواعد المستقاة من نصوص التشريعات وأحكام المحاكم. بالفعل، لقد شبهت هذه بأنها “المادة الخام للقانون”. ويمكن هنا القول بأن القانونيون يمارسون -من خلالها- دورا هو إلى الهندسة أقرب، من حيث أنهم يصممون البنى الاجتماعية بصورة تماثل دور المهندسين في تصميم البنى المادية. وللمتأمل أن يرى بوضوح أن أدوات القانون كالعقود، الشركات، الصناديق الاستثمارية، التشريعات والدساتير، ماهي سوى مبان، جسور، طرق، وسكك حديد للحياة الاجتماعية.

يجد كل ذلك قواعده في فكر “الحداثة”، المرتكزة على اشتغالات ديكارت؛ ذاك الذي غير مسار الفلسفة فخرج بها من غموض الميتافيزيقيا الى نشاط الإبستومولوجيا. لقد قعّد ديكارت المعرفة من خلال رفض أي ادعاء ينطوي على الجزم من دون إستناد إلى دليل عقلي واضح ناتج عن بحث، شك منهجي، تفكير انتقادي، تجربة، برهان وعلاقات موضوعية. كان نتاج كل ذلك هو ترسيخ فكرة العقلانية الموضوعية كسبيل نحو تحصيل الحقيقة.[1]

استقر هذا الفكر العقلاني واتسع بعد ذلك على يد آخرين في مغامرة إبستومولوجية رائعة نحو توليد المعنى، شكّلت مراحل مفصليّة في تاريخ الفكر الغربي، لينتهي الأمر معه من نظر قديم يرى الكون متمركزا حول الخالق إلى آخر حديث صار محوره هو الإنسان. أحيط ذلك بظروف “توليدية” قادت لنضوج المرجعيات الفكرية للمجتمعات، كعصر النهضة، الإصلاح الديني، الصراع ضد الإقطاع وسلطة الكنيسة، وعداها من أوهام أو عوائق كانت تمنع الإنسان من الاستخدام الأمثل لعقله،[2] ليحل محلها محركات فكرية كالنزعة الإنسانية والتنوير والثورات التغييرية، ومن ثم انتشر ما نجم عنها من تحولات مست العالم ككل، من خلال المثاقفة والتجارة والملاحة والاستعمار.

وبالرغم من غموض بدايات الفكر الحداثي الذي قاد لكل ذلك، فهناك العديد من المواقف المرشحة لأن تعتبر -مجتمعة- شرارته التاريخية، مثل اختراع جوتنبرغ للمطبعة (1440)، الفتح العثماني للقسطنطينية (1453)، الاكتشاف الكولومبي لأمريكا (1492)، تعليق لوثر لأطروحاته على باب كنيسته (1517) إنشاء شركة الهند الشرقية (1600)، ناهيك عن الثورات الدينية والصناعية والفرنسية والأوروبية. من خلال هذه، وأخرى كثيرة، صار الطابع الحداثي يغلب على القانون، بما هو علم.

و هكذا، ففي حين بدأ القرن الثامن عشر فضولياً يتلمس طريقه بين الخيطين الأسود و الأبيض، فقد انتهى كباحث متمكن يحتكم على قدرات هائلة من التفسير و الفهم، لم تتح له من قبل. في هذه المرحلة المثيرة من الزمن، شرعت الأبواب واسعة أمام العقل البشري. كانت الحداثة، بما جاءت به من عقلانية و تنوير، بوابة للحضارة.

ومع ذلك، فإن الحربين العالميتين وقسوة رأس المال واغتراب الصناعة والضمور الأخلاقي والارتباك الديني وتوترات السياسة واختلال البيئة، كل ذلك أدى إلى فتوحات فلسفية عديدة رمت بمنجنيقها على هذه البوابة حتى تخلخلت مفصلاتها، أو كادت.

لقد بدأ الأمر بـ “كبار الشُكّاك”: ماركس ونيتشه وفرويد، الذين أدخلوا الفكر إلى عصر التداخل واللبس والاشتباه بعد أن أعملوا معاولهم الفكرية -بعنف- في العقل والعلم والإنسان والتقدم وجميع الوعود التي جاءت بها الأنوار[3] (كان فوكو في مقدمة كتابه “الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي” يتحدث عن ثلاثي الشك هذا وما تسبب به من “جرح نرجسي” للفكر الغربي). وجاءت الوجودية بعد ذلك (التي يقال أنها الأساس الفلسفي لما بعد الحداثة) فأربك الفرنسي سارتر و الألماني هايديجر المشهد أكثر حين أصرا على دعاواهما النسبية في أن “ما هو حقيقي بالنسبة لك، قد لا يكون كذلك بالنسبة لي”.[4] ثم تبعهما آخرون مثل فتغنشتاين (اللغة تعيق الحقيقة)، وفوكو (الخطاب لا ينفصل عن السلطة)، ودريدا (هذا التفكيكيّ المزعج الذي شرّح كل نص وكشف كل كلمة في سياق لا متناهٍ من مناقضة السائد).[5] استمر ذلك مع كثير عداهم: فسادَ الشك، و زُعزِع الأمان الفكري، ورُبطت الحقيقة باللغة، وانتقل النظر من سكينة الموضوعية إلى قلق الذاتية، وخضعت السرديات الكبرى لمباضع الجراحات الفكرية.

لقد تضعضعت الحداثة، بما هي بوابة للحضارة، وأشرعت على مصراعيها، وتجمّع في الأفق شيء جديد، غامض، وصارت الأرض مفتوحة للغزاة القادمين الذي أتوا بأسلحة ثقيلة من الأفكار التي ظلت كامنة لعقود طويلة: مفكرو ما بعد الحداثة. أصبح القرن العشرون زمناً للمعركة ومكانا لها.

كان القتال عنيفا. و مع القتال، غموض: مكر فكري؛ ممتع ومغامر ودجال وصادق وعبثي وخطر. في الأمر ما يذكر بوصفة اليسوعي الأسباني بالتزار جراسيان التي وضعها في القرن السابع عشر: “أحط أعمالك بشيء من عدم الوضوح … إخلط قليلا من السحر مع كل شيء؛ عندها، ستثير الإجلال”.[6] هناك من كان يقرأ جراسيان، على ما يبدو. تحفل أغلب الأعمال ما بعد الحداثية بعدم الوضوح المفاهيمي واللغة الملتبسة كأدوات حاضرة دائما. الأمر يسوق كاحتفاء بالاختلاف وكشف لآفاق جديدة.

ولكن حتى الفكر ما بعد الحداثي ذاته لا يعرف -تحديدا- ما المراد بـ “ما بعد الحداثة”؛ كل ما يعرفه هو أنه قلق، متشكك، ويشير بأصابع الملامة إلى المركز، كي يحل محله المهمش والمقصي ومتطلبات المرحلة وكل ما هو ممكن ومحتمل، بل ولامعقول. هناك قناعة بوجوب التوقف عن وهم المعنى الأوحد/المرجعية وإفساح المجال لـ “الحقائق” العديدة؛ لا الحقيقة الواحدة. ولكن هل الأمر جديد فعلا؟ ألم يؤثر عن هربرت سبنسر أيضا أنه كان “يعدل مبدأه، ثم يعيد تعديله بحيث يصبح قانونا فضفاضا ينطبق على أي شيء، حتى يخالجك الشك في أن عكس القضية قد يكون صحيحا أيضا”.[7] بلي: الأمر مع ما بعد الحداثة جديد، فقلق سبنسر هو قلق معرفي يهدف إلى البقاء بداخل العقلانية لا خارجها، في حين يقلق ما بعد الحداثيون لأنهم يرومون القطيعة عنها.

ما عاد العقل ضامناً للحقيقة.

كان لا بد لذلك أن يحدث. فالدول المعاصرة، وإن كان كل منها يشكل كيانا عضويا واحدا، إلا أنها ذات طبيعة تعددية، فتتولد عنها الكثير من المجتمعات الفرعية. ووفقا لهذه، فإن القانون -بعكس طبيعته الحالية المنغلقة على نصوص جامدة تطل علينا من منظور مهيمن- ينبغي أن يكون نظاما مفتوحا، متجددا، مستوعبا للتغيرات: “قانون حي” ذو موقف إبداعي. لذلك، فإن الفقه القانوني ما بعد الحداثي ينتقد العقل القانوني التقليدي المرتكز على مبادئ ثابتة شكليا (التراتبية القانونية) وموضوعيا (قيم الحق والعدالة والمساواة الخ) وما ينتج عن ذلك من فرض للتجانس والتوحيد الثقافيين، ويقصد لتقويض ذلك واستبداله بالتنوع الذي يفسح المجال لإطلاق الحركات المقيدة من عقالها.

لنتفق، بداية، على أن ما يعرف بـ “ما بعد الحداثة” ليست بنظرية أو مذهب أو حتى محتوى؛ إنها “تقنية”، أو -إن شئت- منظور إلى العالم: ممارسة جمالية تتناقض مع “النظرية الكبرى”، أو الأنماط الهيكلية أو المعارف التأسيسية، فهي لا تقدم نظريات بديلة، وإنما -بشيء من التشاؤم المعرفي والعدوانية المنهجية- تلفت النظر إلى الزوايا والأطراف وكل ما هو بعيد ومغيب فتتنادى بالالتفات إليه (كحقوق المهمشين والمستبعدين والأقليات مثلا). كما أنها، في كثير من الأحيان، ليست بالكتابات القانونية (أو حتى السياسية حقيقة) بقدر ما هي كتابات ضد السلطة، تتسم -في كثير من الأحيان- بشيء من الفوضوية واللامعيارية،[8] لتحلق في فضاءات العلوم الاجتماعية وتستكشف أراضٍ جديدة على الحدود الفاصلة ما بين الحقول المعرفية، لا سيما تلك الكائنة بين السياسة والقانون.

 لقد جاء الفكر ما بعد الحداثي ليكون بمثابة محاولات تمرد على السلطة وتحد لها من مصادر متعددة (فلاسفة / حركات سياسية / تجمعات نسوية / حماة للبيئة) ولكنها موجهة دائما نحو الحداثة كهدف، وهي مساعٍ تشككية أحيانا وتفكيكية أحيانا أخرى، بتساؤلات أنطولوجية تسائل المعنى دائما، و تقصد إلى تقويض ما يسم الحداثة من مركزية أو أسس أو أنساق أو مسلمات عقلانية متولدة عن عصر التنوير.[9] لقد كان الاستنتاج الذي لا مفر منه هو أن “كل فهم للحقيقة لا يكون إلا بدلالة التاريخ و الثقافة”. فلا قيم عالمية إذا؛ بل الأمور نسبية، يحددها ظرفا الزمان والمكان دائما. وهكذا، فإن الكاتب ما بعد الحداثي هو فيلسوف يعمل من دون نظرية أو قواعد.

لن نجد للأمر تعريفا قاموسيا مريحا، لأنه ينطوي على معضلة فكرية، إذ قد يفقد المرء معني “ما بعد الحداثة”، فتتفلت من يده، إن هو حاول وضع تعريف لها. فلفظ “تعريف” بحد ذاته هو لفظ “حداثي” بشكل ما بما هو يضع أطارا لمفهوم ويؤسس لفكرة، مما يؤدي لثباتها ومن ثم جمودها، وهو ما يتناقض والفكر ما بعد الحداثي الذي ينفي وجود الحقائق الموضوعية. يا لها من أنتروبيا فكرية حقيقية.

من هنا، فإن من سمات السرد ما بعد الحداثي هو أن المبادئ الإنسانية الكبرى للقانون -كالحق والعدل والمساواة- وإن كانت محايدة نظريا إلا أن مفاعيلها قد لا تكون كذلك بالضرورة، كما أن المعاني سياقية، والأمر مرهون دائماً بالبوصلة والاتجاه ومعادلات المال والسلطة. “من يملك العملة يمسك بالوجهين / والفقراء بين بين”؛ كما كتب أمل دنقل في الستينات.

هكذا، ينبغي الاعتراف بأن القانون ما هو -في جانب معتبر منه-إلا منتج للإملاءات السياسية المرحلية، و من ثم فهو تعبير مكثّف عن ميزان القوى المجتمعي. يذكرنا الأمر بصيغة هوبز الكلاسيكية التي تقول أن “السلطة -لا الحقيقة- هي ما يصنع القانون” (auctoritas non veritas facit legem). لقد كشفت ما بعد الحداثة عن القلب المظلم للحداثة: إرادة القوة. في درسه الجامعي الأول فيCollège de France ، حذر الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو الحاضرين مما له من سلطة عليهم، و المخولة له فقط لكونه يقف على المنصة: لقد نبه إلى “الموقع” وعلاقته بـ “السلطة”.

من جميع هذه المقدمات، يستدل ما بعد حداثيو القانون على أن القانون لا يعدو أن يكون إطارا شرعيا لتكريس أشكال الهيمنة داخل المجتمع، سواء كان ذلك من أجل تكريس عرق أو طبقة أو مصلحة أو توجه، وأنه أبعد ما يكون عن أن يصلح إطارا موضوعيا صالحا للفصل في الخصومات.[10] في سبيل ذلك، هم يرفضون الوضعية القانونية باعتبارها إمبراطورية للهيكل، من حيث أن التمسك بها ينطوي على إهدار لقيم العدالة المتحركة، المتفلتة.

لما كان لهؤلاء الغزاة ما بعد الحداثيين ترسانة كاملة من الأسلحة الفكرية الثقيلة التي يوجهونها نحو الحداثة بقصد ضرب جدرانها الركينة، بجدوى تارة و من دون جدوى تارة أخرى، فقد قاد ذلك إلى التشكيك بما أسماه الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا ليوتار بـ “السرديات الكبرى” (meta-narratives)،[11] و هي النظريات الشمولية أو الأنساق الفكرية من قيم و دين و فلسفة وعداها، و التي تتمثل بداخل القانون بالمناطق الحرجة فيه (كالملكية وحقوق الإنسان مثلا)، فتزيل عنها كل ما يخالطها من مفاهيم وموثوقية.

يتعلق بالأمر بـ “تفكيك” هذه الأفكار الكبرى لخلخلة السائد، ثم إعمال معاول الهدم فيها للخروج بمفاهيم جديدة، حتى ينتهي الأمر باختلاف وتعددية بل وعشوائية (وربما لا معنى أيضا)، لتصير كل أطروحة محض سياقية. والتفكيك -و إن كان ليس سيئاً دائما بالضرورة- إلا أنه مزعج، و مشظي، كما أنه يمكن أن يضيع الصورة الكبرى لصالح مكوناتها. في القرن الثالث عشر، كان الرحالة الإيطالي ماركو بولو يصف أحد الجسور لخاقان المغول كوبلاي خان، حجراً حجراً. فسأل كوبلاي خان: “و لكن على أي من هذه الحجارة يستند الجسر؟”، أجاب بولو: “الجسر لا يستند على أي حجرٍ بذاته، بل على القوس الذي تصنعه الحجارة”. بقي كوبلاي خان ساهماً لفترة، ثم قال: “فلماذا تحدثني عن الحجارة إذا؟ القوس هو ما يهمني”. رد بولو: “لأن من دون هذه الحجارة لا وجود للقوس”.[12] يحول التفكيك القوس الى حجارة، و هو يظل يفعل ذلك إلى أن يضيع القوس، فلا يتبقى لنا إلا هذه الحجارة. لو كانا بيننا اليوم، لكان كوبلاي خان حداثيا، وكان بولو ما بعد حداثي.

وهكذا، فإن الاشتغالات القيمية لما بعد الحداثة لا تملك فكرا متعاليا، بل تتعلق -بالدرجة الأولى- بموضوعات راهنة ومحددة، مثل النسوية وحقوق الأقليات وحرية التعبير وحقوق المرأة وأوضاع المثليين والإجهاض والموت الرحيم والطب الحيوي والذكاء الاصطناعي والفوضى الجينية والتعددية الثقافية والمشكلات البيئية و ما شابه.

تطبيقاً لذلك، فإن فكرة الملكية كما ظهرت في القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 هي -وفق الفكر ما بعد الحداثي- لا تعدو أن تكون تعبيرا مباشرا عن الفكر البرجوازي الحداثي، إبان صدور هذا القانون، ونظرته إلى الملكية كقيمة عليا تتطلب أقصى أنواع الحماية، مما يعني أن أغلب بقية أفكار القانون المدني هي مجرد أسوار حامية لها (كالعقد والمسئولية التقصيرية)، و هي الفكرة التي بدأت، لذلك، بالتفكك و التحلل تباعاً مع دخول الأفكار الاجتماعية إلى الفكر العام (كالتأمينات الاجتماعية أو حماية العمال مثلا).

ورغم كل ما تقدم، فهناك من يقول بأن ما بعد الحداثة ما هي إلا خلف راديكالي مكثف للحداثة ذاتها (بطريقة تاريخية خطية)، بحيث أن الواحدة منهما لا تعدو أن تكون في حقيقتها الجانب الآخر للثانية. ربما كانت أطروحة “يانوس” هذه -الكائن الأسطوري متعدد الأوجه- تستحق التفكير.

في تناوله لما قد يشوب القانون من تحديات، يتحدث دريدا بطريقه لا تعبر عن رضاه عنه: بالنسبة له، هناك “شيء ما متعفن في القانون، وهو شيء إما أن يدينه أو يدمره ابتداء”،[13] كما أن نسق القانون الحديث يعاني من “مرض المناعة الذاتية”، وهي تتهدده من داخله.[14] لذلك، ووفقاً له، فإن التفكيك سيكون في مكانه الطبيعي بل “في بيته” في كليات الحقوق، أكثر منه في أقسام الفلسفة أو الأقسام الأدبية.[15]

هكذا، يتضمن المنظور ما بعد الحداثي فكرة تجزيئية للقانون. فدريدا، مثلا، ينادي بـ “التفكيك” حلا؛ ابتداء من المناخ السياسي و انتهاء الى شخصية القاضي. أما بالنسبة لجيل دولوز و فيلكس غوتاري، فيتعلق الأمر بفكرة “الجذمور” (rhizome)، و هو مفهوم فلسفي مستقى من علم النبات، يفيد التعددية و التمدد و الاتصال بطريقة أفقية من دون أصل مصدري، بالمقارنة بالنموذج الحداثي الأشبه بالشجرة التي تمتد رأسياً و خطيا (ربما كانت الإنترنت مثالا على الجذمور، فيما المؤسسات القانونية -بهياكلها الإدارية المتفرعة- نموذجا شجريا ملائما).

و كل ذلك، و عداه، هو وعاء لأفكار مقسمة كبرى، مثل العدالة العريضة و المنظور الفقهي الواسع و الحقيقة النسبية و التفرقة بين صنع القانون و إنفاذه و الفكر القضائي الذي لا يغفل التعدد الثقافي و تباين الخبرات و تعارض الإرادات، و عداها.

المنطق لا يلتوي لوحده؛ هناك من يجب أن يعمل على ذلك: مثقفون و مسوقو آراء و غاسلو أدمغة، كما أسماهم بريخت، يلوون عنق الأفكار و يتلاعبون بالألفاظ. و هذه المداورة هي مثلب أخلاقي ينطوي على خطر، و كما قضي فإن “الحقيقة ليست بنت التهويل و المبالغة بل هي بنت البحث الهادئ و الجدل الكريم”.[16]بخلاف ذلك، فإن تأثير هذه الأبواق كبير، و لا ينبغي الاستهانة به (ألم يورد سفر يشوع قصة مدينة أريحا التي سقطت بمجرد نفخ الأبواق؟)[17] إنها “ضوضاء بوق اللاشيء” بالمعنى الكافكوي،[18] و مع ذلك فإن تأثيرها قد يكون عظيما. في كل ذلك ما يذكر بسفسطائيي أثينا القدماء؛ الأمر لا يتعلق بإنكار الحقيقة، بل بإخضاعها للمنظور الشخصي. وتتضاعف الخطورة إن تعلق بالقانون تحديدا؛ سواء صياغة تشريعية أو تطبيقا بيروقراطيا أو تفسيرا قضائيا (بل حتى تناولا أكاديميا).

من هنا، فإن القوانين المعاصرة، و منها العربية (رغم تحدياتها المؤسسية و البيروقراطية المعروفة) لما كانت ترتكز على الفكر الحداثي، فإنها لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بالعقلانية و التقنية، بعيداً عن الفوضى و الشواش. الأمر في ثقافتنا قديم، وقد تنبه له أبي إسحاق الشاطبي عنما لفت النظر إلى أهمية ألا يقوم العلماء بـ “تشويش العامة” في مناقشتهم للنوازل حتى لا يكون في ذلك “فتح لأبواب الخصام”.[19]

هكذا، ربما كان يجب أن نفكر في ما بعد الحداثيون كما لو كانوا سفسطائيي القرنين العشرين و الواحد و العشرين. كانت لسفسطائيي أثينا القديمة – و لا تزال – سمعة سيئة كمثقفين منافقين ومموهين؛ مرتزقة، يقبضون ثمن معرفتهم. ومع ذلك، قد تكون تلك سمعة مبالغ فيها و تحمل الكثير من الأحكام المسبقة.[20]فالسفسطة ليست سيئة بالضرورة، إذ لنتذكر أنه بينما كان فلاسفة المدرسة الأيونية يكرسون أفكارهم للبحث عن الطبيعة الخارجية، اتجه السفسطائيون إلى المشاكل السيكولوجية و الأخلاقية و الاجتماعية، و كان لهم فضل في مناقشة الأساس الطبيعي للعدالة.[21] ألم يكن بروتاغوراس، هذا المفكر المعتبر، واحداً منهم؟

يصر المنظور ما بعد الحداثي على فكرة قانونية مركزية، مفادها هو أن القاضي لا يمكنه التجرد من محيطه وأهوائه وانتماءاته وأفضلياته وهويته وعقيدته (أو لا-عقيدته) الدينية وتصوراته الاجتماعية ومنظوره للحياة، وأنه -مهما ادعى أو حتى حاول بصدق- فهو بالنهاية جزء من نسيج مجتمعه وإحداثيات زمانه ومكانه معا. إن هذا يعني وجوب أن يقلل القاضي من ربط أحكامه بالمعاني المتعالية كالعدالة والقانون الطبيعي، وأن يلتفت إلى الواقع أكثر، فيربط أحكامه به، بأن يوضح أسبابها وأسسها المرحلية و مآلاتها.[22]

وفي ذلك، يرى دريدا أن القاضي، في كل مرة يفسر فيها القانون، إنما يصنع تفسيرا جديدا له. فعلى الرغم من التسليم بتقيد القاضي بنصوص القانون الوضعي وقيمه التي يسوق لها، إلا أن عليه، في الآن ذاته، أن يفسر القانون بحيث يكشف في أحكامه، كل مرة، عن معنى جديد لم يتضمنه سياق النصوص، وكأنه يصنع قانونا جديدا في كل قضية (بما يستدعي إلى الذاكرة ما كتب ابن رشيق قديما من أن “لكل كلام وجهٌ وتأويل”). بعبارة أخرى، فإن دعوى ما بعد الحداثة هنا هي أن حكم القاضي يجب أن يلتزم بالقانون وأن يدمره في الآن ذاته.[23]

يبدو أن هذه الحجة قد لاقت قبولا ما. ففيما عدا العالم العربي تقريبا، يندر أن تجد اليوم قضاء لم تمسسه موجة النشاط القضائي (judicial activism) المتأثر -بطريقة أو بأخرى- بالأفكار ما بعد الحداثية، وإن بعدت. فعبر العالم، هناك موجة عامة تشجع المحاكم العليا على ممارسة النشاط القضائي الفاعل بغرض تحقيق فوائد “متوسعة” للمجتمع ما أمكن، وقد ظهر في السنوات الثلاثين الأخيرة عدد من القضاة الفاعلين الذين خرجوا بأحكام ملفتة في النظم القانونية جنوب الآسيوية (الهند تحديدا) من أجل الخروج بعدالة أفضل والتزام دستوري أعلى (يظهر هذا التوجه أوضح ما يظهر في نطاق القانون العام -في مجال حقوق وحريات الأفراد من جهة والتزامات الدولة من جهة أخرى- أكثر منه في نظيره الخاص).

من المهم أن يكون في مجال الفكر القانوني من يرفع سقف التفكير، فيثير كل ما هو مستغرب ومستبعد وغير محتمل و مصطدم مع القناعات السائدة. وقد يكون الفكر ما بعد الحداثي مشوب بكثير من الفوضى والتشظي بل و التحلل القيمي أيضا، ولكن -و بالمقابل- هذا لا يعني أنه خليّ من الخير للواعين، الذين يعرفون ماذا يأخذون و ماذا يتركون. التجديد لا يكون إلا بتحريك سرير الطمأنينة.

و لترجمة هذا المنظور إلى عمل، فقد يكون من المفيد استغلال تقنيات ما بعد الحداثة (على فرض أن لهذه وجود منتظم، حقيقة) قبل التفكير في إصدار قانون ما. قد يمكن إذا الاستفادة منها من خلال رسم أفق عام للمدى الخاص بالأفكار القانونية قبل التشريع لها؛ ويمكن التمثيل هنا بموضوعات مثل المصالح الأجدر بالرعاية (المسئوليات المدنية) / مسائل الذكاء الإلكتروني المستحقة للتشجيع مقابل تلك التي تستوجب التجريم (الجرائم الإلكترونية) / عيوب التشريع (الصياغة) / العقوبات البديلة (قانون الجزاء) / العقود الذكية (البلوكتشين)، نظرات نقدية بشأن الفاعلين الدوليين (القانون الدولي) / الحدود العادلة للملكية الفكرية (العقود)، توزيع المخاطر في عقود النقل البحري (علاقات النقل)، و عداها.

بذلك، ورغم ما سبق من تحفظنا على عدم انضباطه، فقد يكون لدى المنظور ما بعد الحداثي ما يقدمه للقانون، وما أراه هو أنه ينبغي التعاطي مع دوره هنا بالتفرقة بين مرحلتين: ففي المرحلة الأولى، يمكن الاستفادة من الآليات الفكرية الواسعة لما بعد الحداثة في مرحلة ما قبل إصدار التشريعات من حيث الارتفاع بسقف الفكر والبحث الحر الذي لا يقف عند السبب الأول للأشياء (بما يذكر بالإستغراض الماركسي الذي يبحث عن السبب الحقيقي وراء كل شيء). أما في المرحلة الثانية، مرحلة ما بعد إصدار القانون، فلا. إذ لا بد في هذه المرحلة من الالتزام بالوضعية القانونية وحدودها الواضحة التي تتطلبها قواعد التفسير القانوني.

وبعبارة أخرى، فإن مغامرات ما بعد الحداثة الممتعة و لكن الخطرة (من استكشاف ومقاربة وتخطي واجتراء) قد تكون تمرينات فكرية جد مفيدة في السياقات الأكاديمية والتنظيرية، كما أنها تفتح مغاليق الفكر وترفع من آفاقه، و يمكن (أو ربما يجب؟) أن تمارس في فترة التحضير لإصدار التشريعات المختلفة، ولكن ما أن تصدر هذه التشريعات فعلا فإن الأمر ينبغي أن يتوقف، فلا تمارس من قبل القضاة أو جهة الإدارة، حرصا على وضوح الخطاب وانضباط التنفيذ واستقرار المراكز القانونية؛ فالقانون إن لم يكن كل هذا فلا لزوم له أصلا.

لذلك، فكل ما تقدم من دور القاضي ينبغي أن يتم في إطار العقلانية الحداثية، فلا يتعداها إلى ما هو متفلت أو غير منضبط أو عدا ذلك مما يسوق له الفكر ما بعد الحداثي (مع التأكيد على أن الانفتاح عليه يظل متاحا -بل ومطلوبا- من العقل النقدي الأكاديمي طبعا، وباستمرار، وفق ما تقدم ذكره عن المرحلة الأولى). هكذا يبحر القانونيون في تيارات البحر ما بعد الحداثي -الغادر لمن يصدق هدوءها والواعد للمتحرّص منها- من دون خشية الغرق في لجته.

لا شك أن العقلانية الحداثية هي سارية مركب القانون.

قرأت مرة بحثاً كتبه غوستافو زاغروبلسكي الذي كان رئيساً للمحكمة الدستورية الإيطالية و قاضياً في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وصف المحاكم فيه بأنها “أرستقراطيات علم” من حيث أنها مدعوة لإيقاف انحدار الديمقراطية و تحولها إلى ديماغوجية، وإلى تحديد نقطة حازمة للتطور العقلاني للمجتمع.

بذلك، فالقضاء (بقضاته وبأعوانه وبمحاميه) ينبغي أن يكون جزيرة للعقل وسط فوضى الآراء. حقا، ينبغي أن تكون المحاكم هي الطليعة العقلانية للمجتمع؛ هي في ذلك أشبه ما تكون بموسى العهد القديم، الذي تمثل قدره في اخراج شعبه من تيه الصحراء وقيادته نحو أرض ميعاد الحياة الدستورية.

قدر القضاء -والعاملين في منظومته- قدرهم أن يكونوا دائماً خصوماً للعاطفة؛ معقل الرشد وحصنه الأخير.


[1] Immanuel Kant, Critique of Pure Reason (London: J. M. Dent & Sons, 1959), p. 62.

[2] مديحة دبابي، “ما بعد الحداثة: سؤال المصطلح و المفهوم”، في: علي عبود المحمداوي و آخرين، خطابات الـ “ما بعد”: في استنفاد أو تعديل المشروعات الفلسفية (الرباط: منشورات ضفاف، الرابطة العربية للأكاديمية الفلسفية، مسائل فلسفية، 2013)، ص. 138.

[3] مجدي عبد الحافظ، “موقع العقل في فلسفات ما بعد الحداثة”، عالم الفكر (الكويت)، العدد 2، المجلد 41، أكتوبر – ديسمبر 2012، ص. 147.

[4] محمد حسام الدين إسماعيل، الصورة و الجسد: دراسات نقدية في الإعلام المعاصر (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2008)، ص. 51.

[5] Derrida, J., Of Grammatology, Baltimore 1976.

[6]  Baltazar Gracian, The Pocket Oracle and the Art of Prudence, first published in 1647, translated by Jeremy Robins (London: Pinguin Books, 2011), p. 3.

[7]  عباس محمود العقاد و عثمان نويه و ثروت أباظة، حول مائدة المعرفة: تفسير و تقريب لكتب مأثورة و أفكار خالدة، الجزء 8 (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1963)، ص. 121.

[8] Ihab Hassan, ‘On the Problem of the Postmodern’, New Literary History, Vol. 20, No. 1, Critical Reconsiderations. (Autumn, 1988), pp. 21-22.

[9] انظر:  إبراهيم الحيدري، النقد بين الحداثة و ما بعد الحداثة (بيروت: دار الساقي، 2012).

[10] عبد الله عمر الخولي، “الاكتمال المنطقي لحقائق القانون في المذاهب القانونية الحديثة: دراسة تحليلية مقارنة”، مجلة لارك للفلسفة و اللسانيات و العلوم الاجتماعية، المجلد 1، العدد 44، السنة 2022، ص. 602.

[11] Jean-Francois Lyotard, The Postmodern Condition: A Report on Knowledge (Minncapolis: University of Minnesota Press, 1984), p. xxiii-xxv.

[12] إيتالو كالفينو، “مدن الخيال”، ترجمة محمود موعد، الآداب الأجنبية (سوريا)، العدد 40، صيف 1984، ص. 188.

[13] Derrida, Force de loi, (Paris: Galilée, 1994), p. 95.

[14] Derrida, Force de loi, (Paris: Galilée, 1994), p. 100.

[15] خلدون جميل النبواني، “فلسفة القانون عند جاك دريدا: مقاربة تفكيكية للمفاهيم التشريعية”، المجلة العربية للعلوم الإنسانية (جامعة الكويت)، العدد 143، المجلد 36، 2018، ص. 201.

[16] محكمة النقض (مصر)، 27/2/1933، ج 3 رقم 96 ص. 146.

[17] سفر يشوع، الإصحاح السادس.

[18]  ماكس برود، يوميات فرانتس كافكا، ترجمة خليل الشيخ (أبو ظبي: هيئة أبو ظبي للثقافة و التراث، 2009)، ص. 436.

[19]  سنن المهتدين في مقامات الدين للعلامة محمد بن يوسف المواق الغرناطي، تحقيق الأستاذ محمد بن سيدي محمد بن حمين، 2002 (سلا: منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث و التبادل الثقافي، 2002)، ص. 263-264.

[20] أندريه ناتاف، الـفكر الحر، ترجمة رندة بعث (دمشق: المؤسسة العربية للتحديث الفكري، 2005)، ص. 29.

[21] أحمد محمد غنيم، تطور الفكر القانوني: دراسة تاريخية في فلسفة القانون (صيدا بيروت: المكتبة العصرية، د. ت.)، ص. 8.

[22] عبد الله عمر الخولي، “أثر فلسفة ما بعد الحداثة في المدارس القانونية الواقعية في الفقه الغربي: دراسة بينية استقرائية”، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية (الكويت)، إصدار دوري إضافي، العدد 3، السنة 9، العدد التسلسلي 35، يونيو 2021، ص. 442.

[23]   عبد الله عمر الخولي، “الاكتمال المنطقي لحقائق القانون في المذاهب القانونية الحديثة: دراسة تحليلية مقارنة”، مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية، المجلد 1، العدد 44، السنة 2022، ص. 577.

أضف تعليق