نظرتان في النقاش، و وصفةٌ

قياسي
Horace_Vernet_-_Arab_Chieftains_in_Council_(The_Negotiator)_-_WGA24751

جلسةٌ نقاشيّةٌ لبعض زعماء القبائل العرب
لوحةٌ للفرنسي Horace Vernet، 1834

نظرتان في النقاش، و وصفةٌ

د. مشاعل الهاجري

Mashael.alhajeri@ku.edu.kw

18 يناير 2018

 

(1)

الحوار هو أن تتناقش، فتكون ممنوناً لمن تمكّن من إقناعك بتغيير رأيك، لأنه أهدى إليك معطياتٍ جديدة، لم تتنبّه لها من قبل، فصرت أكثر علما، و أعمق إدراكا. هو لا يتعلق بالكرامة، و لم يكن له شأن بها قط.

أما اللّدد هو أن تتناقش، و أنت تحمى رأيك كمن يذود عن قلعةٍ ورثها عن جدّه السابع، فتحنق على كل من اقترب منها.

للبقاء في سماء النقاش و عدم الانحدار منها إلى هاوية اللدد، ينبغي أن نذّكر أنفسنا دائماً بأن موضوع النقاش هو محض رأي، و الرأي لا يعدو أن يكون زاويةً للنظر نرقب الأمور منها، لا موقع عسكريّ نفديه فنقاتل من دونه.

‏بذلك، ينحدر النقاش من حوار إلى لدد عندما نخلط بين ما ينبغي من مرونة الرأي و ما يجب من ثبات الكرامة. و لكن حوار من يتحرون الحقيقة لا يتعلق بالكرامة، و لم يكن له شأن بها قط.

في الحقيقة، مجرد ربط النقاش بالكرامة هو دليل على أن مدار النقاش شخصي و ليس موضوعي، و هو مؤشر واضح على عدم التجرد، ابتداء.

و هذا، تحديدا ، هو اللدد، الذي – إضافة الى كونه لا يليق بالطرفين – هو محض تضييع للوقت و الطاقة.

 

(2)

النقاشات هي أداةٌ فعالةٌ لتوضيح الرؤى؛ توظيفها لضبط الفكرة هو واحد من أهم فوائدها.

ربما كان ذلك لأن للأفكار طبيعة عنقودية؛ هي تتوالى على إثر بعضها، أو ربما كان من الأدق القول بأنها ذات طبيعة “أميبية”: مثل الأميبا، هي تتكاثر بالإنقسام.

من هنا فإن أفكارنا المتولدة عن النقاشات – حتى العاصف منها – هي شيء أشبه ما يكون بقصائد الرحابنة التي كتبوها لفيروز.

لن نعرف قط ماذا كتب عاصي و ماذا أضاف منصور.

هذا سببٌ آخرٌ لكي أشكّ – أكثر فأكثر – في أسطورة “الملكية الفكرية”؛ هذه التي صدّقناها، فشرّعنا لها القوانين.

 

(3)

وصفةٌ للنّقاش الناجح:

  1. خذ 2 كيلو معلومات صحيحة.
  2. أضف عليها 4 كيلو رؤىً رشيدة.
  3. زِدْ عليها 6 كيلو تجرّد.
  4. ضعها بالثلاجة حتى تندمج المكوّنات.
  5. أخرجها من الثلاجة بعد ساعتين.
  6. تبّلها بـ 500 جرام هدوء، ثم زيّنها برشّة حُسْن نيّة، و رشّة سعة صدر.

صارت الوصفة جاهزةً للتقديم.

بالهناء و الشفاء : )

 

 

أضف تعليق